منظور عالمي قصص إنسانية

ندوة خاصة بالأمم المتحدة حول حماية حقوق الأقليات بجميع أنحاء العالم

ندوة خاصة بالأمم المتحدة حول حماية حقوق الأقليات بجميع أنحاء العالم

تنزيل

إذاعة الأمم المتحدة تقدم،

حقوق الأقليات في جميع أنحاء العالم..

ندوة خاصة في الأمم المتحدة تلقي الضوء على محنة الأقليات الراهنة وتدعو رجال الدين إلى القيام بدور محوري للحد منها

يكمن مفهوم عدم التمييز في صميم حقوق الإنسان.

وتوجد مجموعة كاملة من المعاهدات الدولية القائمة على الحقوق المعتمدة تحت رعاية الأمم المتحدة التي تؤكد الحق في المساواة وعدم التمييز.

ويعترف المجتمع الدولي الآن أنه لا يكفي مجرد ضمان عدم وجود تمييز ضد الأقليات. ويقر بأهمية وضع تدابير خاصة لحماية وتعزيز حقوق الأقليات، لا سيما تلك المتعلقة بالحفاظ على هوية الأقليات وثقافتهم.

على هذا النحو، اعتمد المجتمع الدولي إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية وإثنية ودينية ولغوية (إعلان الأقليات) في عام 1992 واللجنة الفرعية المعنية بالأقليات المنبثقة عنه.

ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه الجهود، قال ناصر عبد العزيز النصر، الممثل السامي لتحالف الأمم المتحدة للحضارات، إن التمييز لا يزال متفشيا وإن العنف المرتكب ضد الأقليات الدينية يتصاعد في أجزاء كثيرة من العالم.

النصر الذي كان يتحدث في ندوة حول حماية الأقليات الدينية في جميع أنحاء العالم، عقدت مؤخرا في المقر الدائم للأمم المتحدة، أوضح أن الأقليات لا تزال في العديد من مناطق العالم تواجه تهديدات خطيرة وتمييزا وعنصرية، وكثيرا ما يتم استبعادها عن المشاركة الكاملة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية في البلدان التي تعيش فيها:

image
"يسيئ المتطرفون وأصحاب النظريات المتطرفة استخدام الدين ويحرضون على الكراهية لتعزيز العداء تجاه الأقليات الأخرى الذين يتبنون معتقدات أو عقائد مختلفة. وبذلك، يناقض أولئك الأصوليون  أهم المبادئ المقدسة للديانات المقدسة. لا يدعو أي من الأديان الموجودة إلى العنف أو التعصب."

من ناحية أخرى، وعلى مستوى الدول، أوضح النصر، أن عددا متزايدا من الحكومات يفرض قيودا على المعتقدات والممارسات الدينية لجماعات الأقليات الدينية، وبالتالي تغذي تلك التدابير بيئة تمزقها الصراعات وتأجج الطائفية.

وفي هذا السياق تسأل الممثل السامي ما الذي يمكن فعله للحد من هذا الوباء الاجتماعي، وقال:

"ما الذي يمكن عمله؟ هناك الكثير من العمل ينتظرنا، ولكن دعونا أولا نتفق على فكرة أن التعصب والعنف عقبة للسلام والأمن في أي مجتمع وفي العالم حيث نعيش جميعا. على الحكومات والمجتمع الدولي والزعماء الدينيين والسياسيين مسؤولية مشتركة لمواجهة العداء تجاه الأقليات والحد منه."

وبحسب الممثل السامي لتحالف الحضارات، يلعب الحكم الرشيد دورا حيويا في دمج الأقليات في المجتمعات وحماية حقوقهم ومصالحهم. وينبغي على الدول المساهمة في القضاء على الصور النمطية السلبية ضد الأفراد على أساس الدين أو المعتقد، ولا سيما أفراد الأقليات الدينية.

كما أن برامج التعليم، وحملات التوعية ورصد ومنع خطاب الكراهية، ومبادرات الحوار بين الأديان والثقافات تساعد في توسيع الآفاق نحو تقدير قيمة التنوع الحقيقي وإبداع البشر في هذا الكون.

وفي هذا الإطار أشار عبد العزيز النصر إلى أن هذه المبادرات تتصل بشكل مباشر بعمل ومهمة "تحالف الحضارات":

"من خلال الاعتراف بالدور الحيوي للزعماء الدينيين والمنظمات الدينية في تعزيز التسامح والحد من التحريض، نحن في تحالف الحضارات، نعمل الآن بشكل وثيق مع الإدارات ووكالات الأمم المتحدة ذات الصلة لضمان أن تُسمع أصوات المجتمعات الدينية عندما نناقش هذه المواضيع المثيرة للجدل. ونحن نواصل العمل لجلب مزيد من الزعماء الدينيين إلى داخل التيار الرئيسي لنشاطات الأمم المتحدة المتعلقة بحل النزاعات والوساطة."

ولم يغفل الممثل السامي عن الإشارة إلى دور وسائل الإعلام التقليدية والحديثة التي تعد مصدرا للمعلومات لكثير من الناس، قائلا إن هذه الوسائل تؤثر بشكل كبير على الرأي وشكل المفاهيم العامة، خاصة عندما يتم استخدامها كآلة دعاية لتقديم صورة مشوهة لقضايا معينة، وبالتالي تأجيج الكراهية والعنف. ولكنه تطرق أيضا إلى الدور البناء الذي يمكن أن تلعبه تلك الوسائل فذكر أن التحالف أطلق مؤخرا معجما سهل الاستعمال لوسائل الإعلام حول تغطية موضوع الهجرة، وبالتالي وفرّ للصحفيين الذين يغطون الهجرة والقضايا الحساسة ثقافيا المتعلقة بها، أداة حيوية. وبذلك، يساهم تحالف الحضارات بتعزيز المناقشات بين مهنيي وسائل الإعلام بشأن سبل تحسين معايير إعداد التقارير لتجنب التعصب وخطاب الكراهية تجاه الأقليات. بالإضافة إلى ذلك يعمل التحالف حاليا على تطوير مشروع لرصد خطاب الكراهية والتحريض.

مستمعينا أهلا بكم من جديد،

تعتبر قضية حماية حقوق الإقليات قضية هامة جدا في الوقت الحالي، خاصة وأن الأقليات الدينية تتعرض في أجزاء كثيرة من العالم لانتهاكات حقوق الإنسان الأساسية، وذلك ببساطة بسبب دينهم ومعتقدهم الديني.

لذلك جدد البابا فرانسيس نداءه إلى أولئك الذين تقع على عاتقهم المسؤولية السياسية سواء على المستوى المحلي أو على المستوى الدولي، وكذلك إلى جميع الأشخاص ذوي النوايا الحسنة، للمشاركة في تعبئة واسعة للضمائر حول محنة المسيحيين المضطهدين وجميع الأقليات الدينية، الذين يحرمون من حقوقهم الإنسانية الأساسية لأسباب دينية.

هذا ما أشار إليه المطران بيرنارديتو أوزا، المراقب الدائم للكرسي الرسولي لدى الأمم المتحدة، خلال الندوة الخاصة حول حماية الأقليات الدينية في العالم التي عقدها تحالف الحضارات ومنظمة "باكس رومانا".

المطران أوزا قال إن هذه الندوة تستجيب لنداء البابا الأخير، إذ إنها تهدف إلى رفع التوعية حيال الأوضاع الصعبة التي تواجهها الأقليات الدينية اليوم، على الرغم من جهد يستحق الثناء من المؤسسات والأفراد:

image
"ما يشغلنا كثيرا هو الاضطهاد الصريح للأقليات العرقية والدينية، بما في ذلك الجماعات المسيحية في شمال العراق من قبل ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام (ISIL). إن معاملتها للأقليات، وللكثير ممن لا يتفقون مع تفسيرهم الخاص للنصوص الدينية، تشكل انتهاكا لحقوق الإنسان الأساسية. التعصب وأفعالهم الوحشية باسم الدين يتحدث ببلاغة عن الضرر الهائل الذي يمكن لتشويه الدين أن يسببه للناس وللدين نفسه."

وفي هذا الإطار دعا الكرسي الرسولي الأجهزة المختصة في الأمم المتحدة إلى التحرك لمنع مذبحة جديدة محتملة ضد الأقليات الدينية والعرقية العزل.

"في هذا السياق، يجب على الأمم المتحدة أن تعيد فرض الإطار القانوني الدولي لتطبيق متعدد الأطراف ل"مسؤولية حماية الناس" Responsibility to protect من الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية وكافة أشكال العدوان الظالم. من خلال الدروس المستفادة من فشل وقف فظائع الإبادة الجماعية الأخيرة للتعصب العرقي والديني، وما نواجه في الوقت الحاضر من انتهاكات واسعة النطاق واضحة لحقوق الإنسان الأساسية والقانون الإنساني الدولي، لإن الوقت هو للقرارات الشجاعة."

وبوصفه رجل دين، كرر المراقب الدائم للكرسي الرسولي نداء البابا فرانسيس لجميع الزعماء الدينيين في كل مكان في العالم إلى لعب دور رائد في تعزيز الحوار بين الأديان والثقافات، وفي شجب فورا كل سوء استخدام للدين من أجل تبرير التطرف العنيف، وفي تثقيف الجميع حول الفهم المتبادل والاحترام المتبادل.

وقال إنه علينا جميعا أن تحمل هذه المسؤولية لممارسة الانفتاح والحوار والقبول الصادق للأقليات العرقية أو الدينية في وسطنا، مضيفا أن ذلك ينطبق بشكل خاص وملح في البلدان والمناطق التي تتعرض فيها الأقليات الدينية، في هذه اللحظة بالذات، إلى التمييز والاضطهاد.

وهذا الحدث الذي أقيم برعاية البعثة الدائمة لإيطاليا لدى الأمم المتحدة، والبعثة المراقبة الدائمة للكرسي الرسولي، والبعثة الدائمة للمملكة الأردنية الهاشمية، والبعثة الدائمة للفلبين وفرسان مالطا، جمع أيضا مفكرين وباحثين ورجال دين من بينهم الحاخام روجر روس، المدير التنفيذي للمدرسة الحاخامية الأمريكية، الذي دعا كلا من اليهود والمسيحيين والمسلمين والهندوس وأي من الديانات المنتشرة اليوم التي تمتثل للضمير الفردي وقوانين الحكومات وإيمانها العميق إلى احترام وحماية حقوق جميع بني البشر.

image
"كإنسان روحي أؤمن بأن هناك خيرا وشرا. وفي المعركة على أرواح جميع البشر، سيستخدم الشر اتهامات كاذبة ضد الأقلية الأضعف لإزالة العقبة تلو الأخرى في سعيه إلى السلطة. فقط نحن، الذين ننحاز روحيا إلى الضوء الجيد، عيون العالم على رعب هذه الأفعال، يمكن أن نجلب مزيدا من الضوء إلى العالم وننقذ المزيد من الأرواح من الشر."

وبغض النظر عن الاختلاف في اللون أو العرق أو العقيدة، أوضح حاخام نيويورك، أن البعد الروحي للبشرية هو الذي سيضع حدا لأي من هذه المظالم. روجر روس شدد على وجوب أن يقود الزعماء الدينيون الجهود الرامية إلى وقف تدمير الأقليات والرعب المتأتي عنها:

"قداسة الدالاي لاما قال وأقتبس: "أقدر أي منظمة أو شخص يبذل بإخلاص جهدا لتعزيز التناغم بين البشر وبخاصة الانسجام بين مختلف الأديان. وأعتبر أنه عمل مقدس جدا ومهم جدا." انتهى الاقتباس. لذلك نحن، الحاخامات والأئمة والكهنة والمرشدون والمعلمون من جميع الأديان قد لا نرى أنفسنا زعماء دينيين لأننا نفترض أن الموجودين فقط على المسرح العالمي يمكن أن يعرفوا أنفسهم على هذا النحو. ولكن نحن قادة! القادة ل 10 أشخاص أو مئة شخص أو ألف شخص داخل مجتمعاتنا، ويمكن أن نستخدم عالمنا الصغير اليوم لنشر رسالتنا إلى عدد كبير من الشعوب. إن أحد الواجبات الأكثر أهمية لجميع رجال الدين هو أن نكون بقوة وعلنا ضد ملاحقة الأقليات."

وفي هذا السياق، يؤدي الزعماء الدينيون دورا أساسيا في تعزيز التسامح ومنع التحريض وخطاب الكراهية.

وعلى هذا النحو، تساهم مبادرات حوار الأديان التي أطلقت في السنوات الأخيرة في المعرفة المتبادلة والتفاهم والاحترام بين المجتمعات لإيجاد طرق لبناء أرضية مشتركة للعلاقات أكثر انسجاما بين الأفراد والمجتمعات.

وفي حين أكدت هذه الندوة، التي نظمها تحالف الأمم المتحدة للحضارات ومنظمة "باكس رومانا"، على التعددية الدينية والحرية الدينية باعتبارها قضية حقوق إنسان متأصلة، ركزت أيضا على مناقشة سبل حماية الأقليات الدينية ودور المجتمع الدولي، والحكومات الوطنية، والمنظمات الدينية وكذلك الزعماء الدينيين والسياسيين لتحقيق هذه الغاية.

وبهذا نأتي مستمعينا الأعزاء إلى نهاية برنامجنا الخاص حول "حماية الأقليات في جميع أنحاء العالم". وفي الختام أود أن أشكر الزميل عزت الفري من قسم الإنتاج والهندسة الإذاعية.

لمزيد من الأخبار والتقارير واللقاءات يمكنكم دائما زيارة موقعنا على الإنترنت www.un.org/arabic/radio

ويمكنكم أيضا التواصل معنا عبر مواقعنا على الفيسبوك والتويتر والسوند كلاود.

وعلى أمل اللقاء في برامج أخرى، لكم مني، مي يعقوب، أطيب التحيات...

مصدر الصورة