منظور عالمي قصص إنسانية

جنوب السودان قد يتجه إلى كارثة حقيقية

جنوب السودان قد يتجه إلى كارثة حقيقية

تنزيل

عقدت نافي بيليه، المفوضة السامية لحقوق الإنسان، ومستشار الأمين العام الخاص المعني بمنع الإبادة الجماعية، أداما ديانغ، مؤتمرا صحفيا في عاصمة جنوب السودان جوبا، لخصا فيه أبرز ما عايناه في الميدان بعد زيارة استمرت ثلاثة أيام إلى البلاد للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت هناك. المزيد في التقرير التالي.

أعربت نافي بيليه، المفوضة السامية لحقوق الإنسان، عن حزنها العميق لما رأته خلال زيارتها إلى جنوب السودان وذلك نتيجة التدهور الحاد في الوضع الأمني في ظل صراع داخلي يرافقه العديد من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

وبعد عمليات القتل الجماعي المروعة في بانتيو وبور قبل أسبوعين، كان مجلس الأمن قد طلب من مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إجراء تحقيق في الوضع، وفي وقت لاحق طلب الأمين العام من السيدة بيليه شخصيا التوجه إلى جنوب السودان للتحدث مع قادة البلاد. كما طلب في نفس الوقت من مستشاره الخاص المعني بمنع الإبادة الجماعية، أداما ديانغ، بمرافقتها.

وأوضحت بيليه في مؤتمر صحفي بختام زيارتها أن مقتل مئات الناس، -الكثيرون منهم من المدنيين- في بانتيو، والاعتداء الانتقامي على نازحين يحتمون في مجمع الأمم المتحدة في بور الذي أدى إلى وفاة ما لا يقل عن 50 من الرجال والنساء والأطفال، قد أكد بشكل صارخ كيف يقترب جنوب السودان من الكارثة. فبدون تدخل قوي من قوات حفظ السلام الهندية، لكان قد قتل مئات آخرون، كما جاء على لسان بيليه:

"إن المزيج القاتل من تبادل الاتهامات وخطاب الكراهية وعمليات القتل الانتقامية التي تطورت بلا هوادة على مدى الأشهر الأربعة والنصف الماضية، يبدو أنها وصلت إلى نقطة الغليان. كنت قلقة للغاية من أن أيا من القادة السياسيين في جنوب السودان والمجتمع الدولي بأسره لا يدركون تماما مدى خطورة الوضع الآن. للأسف كل ما رأيته أو سمعته تقريبا في هذه الزيارة قد عزز الرأي القائل بأن قادة البلاد، بدلا من اغتنام الفرصة لتوجيه أمتهم الشابة والفقيرة التي مزقتها الحرب إلى الاستقرار ومزيد من الازدهار، شرعوا في الصراع على السلطة الشخصية دفع بشعوبهم إلى حافة الكارثة."

وقد نقل السيد أداما دينغ والسيدة نافي بيليه إلى الرئيس سلفا كير وخمسة من كبار الوزراء في حكومته - وهم وزير شؤون مجلس الوزراء والدفاع والعدل والمالية والشؤون الخارجية - في جوبا مخاوف الأمين العام الخاصة بهذا الشأن:

"يوم أمس، بمساعدة أونميس ذهبنا على متن طائرة هليكوبتر إلى ناصر، حيث عقدنا محادثات مماثلة مع زعيم المعارضة رياك مشار. على الطريق، زرنا مخيم الأمم المتحدة في بور الذي تعرض للهجوم على يد عصابة مسلحة يوم 17 من أبريل، واستمعنا إلى مخاوف بعض الناجين وإلى وصفهم لهذا الاعتداء الوحشي الذي يبدو أن الهدف الوحيد من ورائه كان قتل أكبر عدد ممكن من المدنيين في المخيم، على أساس انتمائهم العرقي."

ولم يتمكن المسؤولان الأمميان من زيارة بانتيو خلال هذه البعثة، لكنهما ناقشا الهجوم الذي وقع هناك مع الدكتور رياك مشار، حيث إن عمليات القتل الجماعي في بانتيو كانت قد نفذت على يد قوات مرتبطة بقوات من الحركة الشعبية لتحرير السودان يتزعمها مشار. وقد أكد مشار لكل من بيليه وديانغ أنه يجري تحقيقاته الخاصة في ما حدث وأنه سيبذل قصارى جهده لردع قواته من ارتكاب هجمات انتقامية مماثلة على المدنيين.

وفي نفس الإطار قال أداما ديانغ إن الذي يحصل في جنوب السودان قد وضع السكان في خطر كبير:

"في اجتماعاتنا، أكدنا وذكّرنا رئيس البلاد والحكومة بأن مسؤولية حماية جميع السكان، بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية والوطنية والسياسية، تقع في المقام الأول على عاتق الدولة. وفي هذا الإطار تقوم أونميس بقصارى جهودها وفي ظروف صعبة للغاية. ينبغي على قيادة الحكومة وقيادة المعارضة أن تظهرا مسؤولية أكبر لضمان ألا يرتكب من هم تحت سلطتهم انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وللقانون الإنساني الدولي."

هذا وشدد كل من بيليه وديانغ على أنه إذا لم يتم في المستقبل القريب جدا اتفاق سلام ومساءلة وإيجاد مساحة لإعادة بناء الثقة وتعزيز المصالحة، وإذا لم يتم توفير أموال كافية لمواجهة كارثة إنسانية تلوح في الأفق، قد يكون مستقبل جنوب السودان قاتما جدا.

وأوضحت بيليه أنه بعد عدة عقود من الصراع والإهمال الاقتصادي، يستحق جنوب السودان أفضل من هذا، خصوصا من زعمائه - ولكن أيضا من المجتمع الدولي، الذي كان بطيئا في التصرف حيال المشكلة، مشيرة إلى أنه في ديسمبر الماضي، وافق مجلس الأمن على زيادة عدد قوات حفظ السلام أونميس من 7،700 إلى 13،200 شخص، ولكن البلدان المساهمة لم ترسل حتى ثلثي القوات الإضافية التي تمس الحاجة إليها.