منظور عالمي قصص إنسانية

محمد عساف: الشباب الفلسطينيون مبدعون في كل المجالات رغم الصعاب والتحديات

محمد عساف: الشباب الفلسطينيون مبدعون في كل المجالات رغم الصعاب والتحديات

تنزيل

بلغت شهرته مختلف أنحاء العالم بشكل سريع بعد فوزه في مسابقة غنائية، ومع صغر سنه لم تشغله الأضواء والإغراءات عن قضية شعبه، فأصر على استغلال هذه الشهرة لتسليط الضوء على مشكلة ملايين اللاجئين متعاونا مع الوكالة التي تعلم في مدارسها وتطور في مؤسساتها.

أثناء زيارته لمقر الأمم المتحدة أجرت ريم أباظة هذا الحوار مع المطرب الفلسطيني الشاب محمد عساف وسفير الأونروا الإقليمي للشباب.

إذاعة الأمم المتحدة: كيف تصف لنا تجربة الغناء بمقر الأمم المتحدة؟

محمد عساف: شيء جميل، شعرت أنه أمر خارق للعادة أن أغني في مكان رسمي تصدر فيه قرارات، شعور استغربته لكنه حلو في الوقت نفسه. الأهم هو يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني لأنني فلسطيني وسفير للأونروا فكان هذا الأمر مهم لي، فقدمت أغاني فلسطينية وكان الجمهور متفاعلا وسعيدا. أولا وأخيرا هي خدمة لشعبي الفلسطيني من خلال تواجدي بمقر الأمم المتحدة.

إذاعة الأمم المتحدة: ما الذي تأمل من تحقيقه خلال زيارتك للأمم المتحدة؟

محمد عساف: أكيد هي خدمة بالدرجة الأولى للاجئين الفلسطينيين الموجودين في الأرض الفلسطينية والأردن ولبنان وسوريا، أنا اليوم أتحدث باسم هؤلاء اللاجئين وخاصة الشباب اللاجئين الذين تقدر أعدادهم بمليون وثمانمائة ألف شاب وشابة. ما أريد أن أفعله بصفتي سفيرا للنوايا الحسنة هو أن نحاول إعطاء بصيص أمل لأولئك الناس وأن ندعمهم، والأهم هو تقديم الدعم للأونروا بصفتها مؤسسة دولية تهتم بالأمور الإنسانية للاجئين الفلسطينيين من خلال التعليم والصحة، والجميع يعلم أن هناك عجزا ماليا كبيرا تواجهه الأونروا وسيؤثر هذا على عملها بكل تأكيد. أملنا كبير في الناس الذين يتحدثون عن الإنسانية وحقوق الإنسان ليدعموا وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين كي تستمر في عطائها وخدمتها الإنسانية التي تقدمها للاجئين.

إذاعة الأمم المتحدة: الفوز في مسابقة آراب أيدول غير حياتك تماما، كيف تصف لنا لحظة هذا الفوز؟

محمد عساف: ما الذي يمكن أن أقوله عن ذلك، هو أجمل شيء حصل في حياتي كان بمثابة حلم أن أسمع صوتي للعالم، اليوم وصلت إلى أروقة الأمم المتحدة فأكيد هذا إنجاز عظيم، ومعجزة. كل ما كنت أحلم به كموهوب هو أن أغني ويسمعني الناس، اليوم أنا غنيت في كل مكان، في الوطن العربي وأوروبا وأميركا وفي معظم الأماكن في العالم وهذا شرف كبير لي وشيء يعني لي الكثير. تخيلي أن كل هذه الأمور جاءت في وقت واحد وأصبحت سفيرا وأنا في الرابعة والعشرين من عمري، فعلا معجزة. ومحبة الناس هي أجمل شيء بهذا الموضوع، فعندما يكسب الإنسان محبة الناس فقد كسب كل شيء أهم من أي منصب أو مال. محبة الناس هي الأجمل والحافز للاستمرارية والإبداع.

إذاعة الأمم المتحدة: هذه إنجازات كبيرة في الحاضر، ما هي خططك للمستقبل؟

محمد عساف: كثيرة، أنا في بداية طريقي الفني، أحب أن أضع بصمة في عالم الفني سواء عربيا أو دوليا. الشيء الآخر الاستثنائي هو أنني حامل قضية، شعب يعاني منذ أكثر من ستين عاما من الاحتلال والظلم. أكيد أحب أن أنقل صورة فنية حضارية ثقافية عن الشعب والشباب الفلسطيني، عن آمالهم وطموحاتهم. أريد أن أتحدث باسم هؤلاء الناس الذين يبحثون عن الحياة، عن الأمن والسلام والمحبة. أحكي عن هؤلاء الناس الذين يريدون أن يعيشوا ومن تعبوا من السياسة والنزاع والحصار والاستيطان وكل هذه الأمور. ليتني أستطيع أن أحل كل مشاكلهم، لن أتردد لحظة. الموضوع ليس بالهين، أتمنى أن أمنح بصيص أمل لأولئك الناس. يكفيني شرفا أن أمثلهم وأتحدث باسمهم وأتمنى أن أكون على قدر المسئولية وعند حسن ظنهم.

إذاعة الأمم المتحدة: يمكننا أن نقول إنك ابن الأمم المتحدة، تعلمت في مدارس الأونروا كما أن والدتك معلمة في تلك المدارس فما الذي تعنيه لك أنت شخصيا الأمم المتحدة والأونروا؟

محمد عساف: لقد تربينا ورأينا الأونروا أمامنا، تقدم المساعدات للاجئين فقراء كانوا يعيشون حياة طبيعية ثم حدث الاحتلال وأصبحوا لاجئين، قدمت الأونروا خدمات تعليمية وصحية، حتى كنا نتوجه بعد المدرسة إلى مؤسسات الأونروا التي تهتم بالمرأة والطفل ونشارك في أنشطة ثقافية وترفيهية. هناك العيادات المنتشرة في قطاع غزة والضفة الغربية والأردن وسوريا ولبنان لتقديم الخدمات للاجئين الفلسطينيين. ولكن أهم شيء لي شخصيا هو الجانبان الصحي والتعليمي، عملت الأونروا لأكثر من ستين عاما لمساعدة اللاجئين. على الصعيد الشخصي، بالمدرسة كنا نتلقى التعليم مجانا وأتذكر أن أطباء الأونروا كانوا يأتون إلينا في المدارس للكشف علينا وعلى أسناننا مثلا وإعطائنا التلقيحات. أتذكر وأنا في الصف الأول الابتدائي كنا نأخذ تطعيمات ضد الحصبة وغيرها من الأمراض. وحتى اليوم تقدم الوكالة تلك الخدمات في المدارس، وهذا شيء لا يمكن أن ننساه للأونروا.

إذاعة الأمم المتحدة: لمن لا يعرف في العالم العربي كيف تبدو الحياة في مخيم للاجئين؟

محمد عساف: أمر صعب جدا، أن تعيشي في مكان مكتظ بهذا الشكل، كل إنسان يعيش في متر مربع واحد البيوت متلاصقة، يوجد في غزة أكبر كثافة سكانية في العالم، المخيمات مكدسة فيما لا تتوفر المرافق الخدماتية، لم نعرف الملاعب مثلا. الحياة صعبة جدا في المخيمات، ينتشر الفقر ولا تتوفر الخدمات وينقطع التيار الكهربائي. مهما قلت لن أستطيع أن أصف بشكل كامل الوضع المعيشي للاجئين الفلسطينيين وحياتهم الصعبة. أبرز شيء ممكن أن أتحدث عنه هو الفقر فيعاني الأب والأم لتوفير ما يكفي الأسرة. وهناك أناس يعملون بالأجر اليومي، يكافحون لتوفير الإفطار والغذاء والعشاء لأولادهم. هناك أيضا مشكلة البطالة على الرغم من الأعداد الكبيرة من خريجي الجامعات في غزة والضفة الغربية.

إذاعة الأمم المتحدة: وعلى الرغم من تلك الصعوبات إلا أنك تحمل رسالة أمل.

محمد عساف: طبعا، نحن نحكي عن معاناة شعب في كافة تفاصيل حياته، إلا أنه على الرغم من كل ذلك يخرج من الأشواك زهورا، شعب مبدع. أنا مثل بسيط جدا من شباب وصبايا كثيرين داخل المخيمات، مبدعين في مجالات علمية وثقافية ومسرحية وغيرها الكثير من المجالات. رغم كل هذه الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة إلا أن أولئك الناس لم يفقدوا الأمل، هم يبحثون عن حياة كريمة، عن أقل متطلباتهم الأساسية لذلك يجب أن نمد لهم يد العون ونحاول مساعدتهم.