منظور عالمي قصص إنسانية

التغيير المناخي يؤثر على سبل العيش في منطقة الساحل بأفريقيا والمزارعون يلجأون إلى تقنيات جديدة للتكيف

التغيير المناخي يؤثر على سبل العيش في منطقة الساحل بأفريقيا والمزارعون يلجأون إلى تقنيات جديدة للتكيف

تنزيل

سيبيري كيبري مزارع في شمال بوركينا فاسو، يعتمد، كمزارعين آخرين على المحاصيل التي تنمو على مياه الأمطار في توفير الطعام لأسرته، وكسب لقمة عيشه.

بدأ سيبيري في السنوات الأخيرة، ممارسة تقنيات الاحتفاظ بالماء والتربة التي تساعده على التكيف مع أنماط الطقس المتغيرة.

ففي أواخر حزيران/يونيو الماضي، انتظر هذا المزارع بقلق الأمطار الموسمية التي تشهدها في المعتاد بوريكنا فاسو، الواقعة ضمن منطقة الساحل، في هذا التوقيت سنويا.

في الماضي، كان موسم الأمطار يبدأ في يونيو حزيران بانتظام، ولكن المزارعين من أمثال كيبري يقولون الآن إن التغيرات المناخية العالمية قد قللت من القدرة على التنبؤ بأنماط الطقس المتوقعة.

ويقول المزارع كيبيري:

"إن الطقس يتغير ونحن قلقون. كل يوم يجب أن نفكر في كيفية البقاء على قيد الحياة وما يمكننا القيام به. إن تغيير الطقس يؤثر على حياتنا، ويؤثر على البيئة، فالأشجار تختفي، ولا توجد غابات وهناك فقدان لخصوبة التربة. وهي بالتالي مشكلة كبيرة".

ومثل غالبية المواطنين الذين يعيشون في هذا الجزء من بوركينا فاسو، تعتمد زوجة كيبري، زينبو، وأطفالهما الثلاثة على الزراعة التي تروى بمياه الأمطار في توفير الغذاء، وكسب لقمة العيش.

"يعني التقلب الكبير أنك قد تحصل على ما يتراوح بين عشرين وخمسة وعشرين في المائة من الأمطار السنوية في ظهر أحد الأيام. ومن ثم فكل شيئ تكون قد زرعته ستجرفه المياه. وعليك أن تزراع مرة أخرى ولكن الوقت يكون قد تأخر كثيرا لأن موسم الزراعة هو فقط لمدة حوالي أربعة أشهر، والنباتات، والدخن، والذرة الرفيعة، عادة ما تستغرق ثلاثة أشهر".

وتمتد منطقة الساحل عبر شمال أفريقيا، وتشكل انتقالا من الصحراء الكبرى في الشمال، إلى السافانا السودانية في الجنوب.

"قبل عشر سنوات كان هناك جفاف ومجاعة خطيرة. واضطررت أن بيع كل شيء كنت أمتلكه،  بما في ذلك عربة يجرها حمار من أجل شراء الطعام للأسرة. ومنذ ذلك الحين تعلمت التقنيات التي ساعدت على تحسين خصوبة التربة".

ولمساعدة المزارعين على التكيف مع التغيرات المناخية، قام صندوق الأمم المتحدة الدولي للتنمية الزراعية، الإيفاد، بتمويل عدد من المشاريع التي تدرب المزارعين على تقنيات الاحتفاظ بالتربة والمياه. مثل هذه الحفر، على شكل نصف القمر، التي يتم حفرها في التربة تحت وهج الشمس الحارة. فعندما يأتي المطر، تحتفظ هذه الحفر بالرطوبة بشكل أكثر فعالية، في الوقت الذي يزيد فيه السماد الذي أضيف إلى قاع الحفر من خصوبة التربة.

حتى البذور الصغيرة، المتبقية في السماد من النباتات التي يتغذى عليها الحيوانات، تساعد على تجديد الأنواع المحلية من الأشجار والتي، بدورها، تحسن ظروف التربة للمحاصيل.

وتشمل التقنيات الأخرى حفر حفر دائرية للزراعة تسمى تاساس، وبناء الجدران الحجرية التي تمنع تسرب المياه، وتسمح بزراعة المزيد من الأشجار.

زينبو، زوجة كيبري، تشذب أشجار الباغانا الصغيرة التي تنمو في الحقل الذي ستتم زراعته لاحقا بأشجار الدخن، فأوراق الشجر التي يخلفها التشذيب تحسن المواد المغذية في التربة. كما تستخدم قشور الشجر أيضا في تغذية الحيوانات. وبدوره، يستخدم كيبيري لحاء الشجر أيضا في ربط أعواد القش لاستخدامها في النسيج.

ويقول جوليان لومبو، منسق برنامج التنمية الريفية المستدامة بالإيفاد، إن أكثر من مائة وخمسين ألف فدان من الأراضي قد تم انقاذها باستخدام هذه التقنيات، التي لا تساعد المزارعين فقط على التكيف مع تغير المناخ ولكنها تزيد أيضا من محاصيلهم. ويضيف لومبو:

"إن منطقة الهضبة الوسطى قد شهدت انخفاضا في الإنتاج، وفي المتوسط ​​كان الحصاد يقدر  بثلاثمائة أو أربعمائة كيلوجرام للفدان الواحد، أو في أفضل الحالات بستمائة كيلوغرام. وباستخدام هذه التقنيات فقد أرتفع معدل الإنتاج ليصل إلى ألف وأربعمائة و ألف وخمسمائة  كيلوغرام للفدان الواحد. هكذا ترون الفرق. إنه أكثر من الضعف".

ومن بقعة واحدة، من بين البقاع القليلة الرتفعة بالقرب من بلدة ياكو، يتضح مدى تأثير المزارعين فيها على الأرض.

ويتفق المزارعون والعلماء على أنه لا مجال للتهاون. ففي هذا الجزء من منطقة الساحل يتنبأ العلماء باستمرار تناقص هطول الأمطار إلى حوالي ثلاثمائة وعشرة مليمترات سنويا في المتوسط عن المستوى المنخفض بالفعل والذي يقدر بخمسائة ملليمتر.