منظور عالمي قصص إنسانية

"رسائل للعالم": خيمة من المعلبات في غزة في ظل قلة الطعام الطازج وزيادة سوء التغذية

خيمة بنيت من معلبات الأطعمة المحفوظة وسط أحد الملاجئ المؤقتة في مدينة دير البلح وسط غزة.
UN News/Ziad Taleb
خيمة بنيت من معلبات الأطعمة المحفوظة وسط أحد الملاجئ المؤقتة في مدينة دير البلح وسط غزة.

"رسائل للعالم": خيمة من المعلبات في غزة في ظل قلة الطعام الطازج وزيادة سوء التغذية

المساعدات الإنسانية

على مد البصر في مدينة دير البلح وسط غزة، أصبح مشهد الخيام التي تؤوي النازحين الفلسطينيين وتكتظ بها الشوارع والساحات، مألوفا. ووسط هذه المدينة الصغيرة من الخيام، تقف خيمة بنيت بطريقة غير مألوفة، من العلب الفارغة للأطعمة المعلبة، أو المعلبات، والتي أصبح الناس هناك يعتمدون عليها بشكل كبير في الحصول على غذائهم.

زُينت خيمة المعلبات التي بنيت في منطقة في دير البلح تعرف باسم أرض النخيل، بأعلام فلسطين وبني سقفها من سعف النخيل، وكُتب على بابها "عودتنا حتمية والخيمة وهمية"، وحملت جدرانها عبارات منها: "من حياة المفاوضات إلى حياة المعلبات".

داليا العفيفي، صاحبة مبادرة خيمة المعلبات في مدينة دير البلح في غزة.
UN News/Ziad Taleb
داليا العفيفي، صاحبة مبادرة خيمة المعلبات في مدينة دير البلح في غزة.

داليا العفيفي، صاحبة مبادرة خيمة المعلبات قالت لمراسلنا في غزة، زياد طالب الذي زار الخيمة، "حاولنا أن نضفي على جدران الخيمة بعض الجمل التي نوصل بها رسائل للعالم".

وأضافت العفيفي أن الجميع تقريبا من النازحين الموجودين في أرض النخيل ساهموا في ذلك المشروع لبناء خيمة المعلبات باستخدام 13 ألف علبة. 

غذاء من المعلبات

المعلبات هي الغذاء المتاح داخل ذلك التجمع للنازحين في ظل شح الطعام الطازج. والمعلبات هي أغلب ما يصل إلى المدارس التي تحولت إلى مراكز للإيواء والنزوح ومنها مدرسة ذكور دير البلح التي لجأت إليها نور أبو عودة، النازحة من بلدة بيت حانون شمال غزة.

وأثناء وجودها في نقطة طبية داخل المركز للكشف على ابنتها الرضيعة التي تعاني من سوء التغذية، قالت نور أبو عودة لمراسلنا إن الخضروات والفواكه غير متوفرة وإن وجدت فهي غالية الثمن، "وأنا كمرضعة كل أكلي عبارة عن معلبات، وهو أمر غير صحي بالنسبة لي".

نور أبو عودة، نازحة من بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة إلى دير البلح في الوسط.
UN News/Ziad Taleb
نور أبو عودة، نازحة من بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة إلى دير البلح في الوسط.

وكان تقرير التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي الصادر في آذار/مارس الماضي أفاد بأن الحد الأقصى لانعدام الأمن الغذائي الحاد للمجاعة قد تم تجاوزه بشكل كبير، وأن سوء التغذية الحاد بين الأطفال دون سن الخامسة يتقدم بوتيرة قياسية نحو العتبة الثانية للمجاعة.

وقالت منظمة الصحة العالمية مرارا إن الارتفاع الحاد في معدلات سوء التغذية بين الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات في قطاع غزة يشكل تهديدات خطيرة لصحتهم.

تفشي الأمراض

تلك المعدلات المرتفعة من سوء التغذية يلمسها محمود اللوح، الممرض في النقطة الطبية بمركز النزوح في مدرسة دير البلح، والذي كان يفحص ابنة النازحة نور أبو عودة وأطفالا آخرين أثناء زيارة مراسلنا للمركز.

وقال اللوح إن العديد من الأطفال يعانون من سوء التغذية والذي تتراوح شدته ما بين متوسط وحاد جدا بالإضافة إلى الأمراض الأخرى "والسبب نقص المواد الغذائية والتكدس في مركز الإيواء. لا توجد مواد غذائية أو تموينية طبيعية بكثرة كما كانت موجودة سابقا"

محمود اللوح، ممرض في عيادة أحد مراكز النزوح بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة.
UN News/Ziad Taleb
محمود اللوح، ممرض في عيادة أحد مراكز النزوح بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة.

وأوضح أنه لهذا السبب يعتمد النازحون في أكلهم في مخيمات النزوح على المعلبات المتوافرة من المساعدات، والتي تحتوي على الكثير من المواد الحافظة.

وأشار إلى أن أهالي غزة كانوا يعتمدون بشكل كبير على الخضروات لاسيما أن أغلبهم مزارعون، ولكن الآن "لا توجد فواكه أو خضروات".

وإن وجدت تلك الفواكه والخضروات ولو بكميات قليلة، فإنها باهظة الثمن كما أكدت نور أبو عودة، "كيلو البندورة (الطماطم) بـ 10 شيكل (2.7 دولار أمريكي) وكيلو الباذنجان بـ 16 شيكل (4.30 دولارا)".

ويقول محمود اللوح إن سبب وجود المعلبات عوضا عن الأشكال الأخرى من الغذاء هو عدم استطاعة الجهات الداعمة والمانحين توفير الخضراوات أو اللحوم بسبب القيود وانقطاع التيار الكهربائي وسوء ظروف التخزين.

وقال إن الاعتماد شبه الكامل على المعلبات بالإضافة إلى الاكتظاظ وعدم وجود ظروف معيشية صحية مناسبة، يؤدي إلى زيادة الأمراض في مدارس الإيواء كالالتهاب الفيروسي والتهاب الكبد الوبائي، فضلا عن النزلات المعوية بسبب تلوث المياه والطعام. 

وكان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية قد أكد أن الحصار المفروض على غزة، بما يشمله من إغلاق المعابر ومنع إمدادات المياه والكهرباء، من العناصر الرئيسية للكارثة الإنسانية الكبرى التي تتكشف فصولها في غزة.